أفول*******/وفى بالوعد/ بقلـــــــم / خليل اطرير/الردن/

أفول***********/وفى بالوعد/



* ولج غرفته خلسة وبحذرشديد آملا أن لا يراه أحد المتواجدين في البيت ولم يوصد الباب تماما *لحظته ابنة عمه هند *فاتغربت من سلوكه غير المعهود هذا فنهضت وتقدمت بهدوء نحو الباب وأخذت تسترق النظر من الفتحة الطولية الضيقةالتي تقع بين الحائط و الباب المفتوح ربع فتحة*رأته يفتح الخزانة ويتناول منها بنطالا وسترة رماديين عتيقين ويدسهما بسرعة البرق في حقيبة قماشية صغيرة *ثم يلحقهما حذاء طويلا أسود شبه مهترىء ومنشفة صغيرة ويغلقها بمعصمها الخيط السميك * ثم يخرج بطاقته الشخصية من جيب قميصه الذي يرتديه ويضعها على الرف العلوي من الخزانة *ثم ينبش بين الملابس التي رتبتها له هند بإتقان في ذلك الرف ويسحب ما يشبه البطاقة ثم يدسها في جيبه *وقبل أن يغلق باب الخزانة ويخرج *كانت هند قد صبت كل ما شاهدته في أذني والدها وبانفعال وخوف وحرص بينما كانت أمها تلقي السمع باستغراب*وما إن وصل عطا الله وسط الردهة في طريقه للخارج حتى سمع صوت عمه حامد: يا طبيب العشيرة! أقبل ! تعال ***ارتبك عطا الله قليلا ثم انثنى صوب غرفة عمه *حيا الحاضرين ثم قال: نعم يا عم*تفضل *ماذا تريد ؟؟؟ --:اجلس*--جلس نصف جلسة ووجه بصره تلقاء عمه *قال:أمرك يا عم*قال عمه حامد: مالي أراك اليوم لست كماضي الأيام *كنت عندما تدخل ساحة البيت تعلن الوصول بكلمات الاستئذان العالية والتحية الصاخبة *ثم تسلم عليناوتصافحنا فردا فردا وتسأل عن الغائب وتطمئن على أم خليل وتداعب الصغير وتمازح الكبير فيضج البيت بوصولك *وما عهدت البسمة شردت يوما عن شفتيك *وكنت عندما تنوي الخروج تبلغنا حتى عن عدد محاضراتك في الجامعة؟ ومتى تنتهي منها ؟ومتى تصل البيت ؟* بينما اليوم دخلت خلسة وأخذت ما أخذت دون علمنا وحاولت الخروج دون علمنا * ما الأمر يا عطا الله ؟*وماذا في حقيبتك؟ *هاتها لأرى ما بها* *****مد عطا الله الحقيبة لعمه ولم ينبس ببنت شفة *طأطأ رأسه*عدل جلسته*وضع كفه اليسرى على فخذه ومد سبابته اليمنى بعد ضم أصابعها وأخذ يحرك بها قشة صغيرة أمامه*فتح الحاج حامد الحقيبة وحرك يده داخلها متفحصا وعيناه صبتا نظريهما فيها ثم أغلقها وأمر هند الواقفة بحذاء ابن عمها وقد حاصرها الغم والدهشة والاستغراب مما يحصل أن تصنع لهم إبريق شاي ونصح من تبقى من ابنائه الصغار بالتوجه للدراسة * ** انصاع الجميع *خلا الحاج حامد وزوجته بابن أخيه:--:في هذه الحقيبة سر تحاول إخفاءه عنا *أنت هنا كأمانةوضعها أخي عندنا *والأمانة ثقيلة* وكونك ابن أخي وقد أصبحت فردا من هذه الأسرة *فحري بنا أن ننصحك ونحرص عليك ونهتم بك *غادرت الظاهرية ملتحقا بالجامعة تدرس الطب *والتفاؤل يحدو جميع أهل القرية أن تعود أول طبيب يفتح عيادة في القرية كما وعدت مودعيك والآمال معقودة عليك *ووالدك لم يأل جهدا في تلبية كل متطلباتك المالية*ولم يقصر يوما*ولم نشعر لحظة أنك في عوز *ما الذي يدفعك للعمل؟ هل ينقصك مال ؟؟؟ هل تحاول تخفيف وطء المصروف عن كاهل أبيك ؟ صارحني!! أصدقني القول !! أنا بمنزلة أبيك ******* تربع عطا الله في جلسته ونقل يده اليسرى إلى حجره وكفها للأعلى كأنما يجمع الردود فيها *بينما تلون وجهه ثم امتقع باحمرار شديد* لاحظت أم سليم ارتباكه الشديد *وكادت صينية الشاي تقع من بين يدي هند بما عليها وسط الجالسين نتيجة تأثرها لمشهد ابن عمها المؤثر * كيف لا وهو رفيق العمر المأمول لها ؟****وقبل أن تفكر هند بالجلوس دفعتها أمها بإشارة للمغادرة *ثم قالت للشاب:إذا طغى عليك الحياء بوجودي وألجمك عن الحديث فأنا ذاهبة *قال عطا الله :لا لا لا *ابقي واسمعي * يا عم !يا عمة ! اسمحوا لي بالخروج فهناك من ينتظرني والوقت قد ضاق كثيرا* أدرك عمه أن نية العمل عند عطا الله ليست المقصودة *بل هناك سر آخر لهذه الملابس شبه البالية*والتي لا تصلح إلا لعمل في المزارع أو في البناء *شددا الضغط عليه وحاولا منعه بكل الوسائل ثم أقسم عمه أن لا يخرج إلا بعد مصارحته واقتناعه بعذر***** أدرك عطا الله الشاب المطيع المهذب الصادق الخلوق أن لا مفر من فتح صفحة الصراحة وقراءتها عليهما ****** تغيرت أسارير وجهه* وشنف الاثنان آذانهما لسماع ما يقول:عندي عمل خارج الجامعة* ربما ليوم أو ليومين *ولا يتجاوز الثلاثة* وأعاهدك بعد عودتي إن كتب الله لي العودة أن أكمل دراستي وبانتظام ومثابرة *ارتجفت أم سليم *استنفرت قواها*سوت جلستها ثم سألته: ماذا تقصد بقولك/إن كتب الله لي العودة/*بالله عليك لا تخف عنا أمرا يخصك نحن نحبك *****قال : يا عمتي !!! صليت الصبح قرأت ما تيسر *دعوت ما شاء الله *ثم أخذتني غفوة فرأيت في السماء فتحة وعليها ثلاث حوريات تتنافس علي *وأخيرا اتفقت الثلاث أن أكون لهن كلهن * ثم قلن لي ننتظرك الليلة الثالثة*قلت لهن:أعدكن *ثم استيقظت سعيدا بهذه الرؤيا *فيا عم !!! هل تأذن لي بالخروج *وأنا عند وعدي لك أيضا أن لا أكرر الغياب عن الجامعة بعد هذه المرة *** نظر ابو خليل لزوجته***ثم ذرفت عيناه دمعتين حزتا قلبه بحرارة الوداع الأخير *ثم قال له:أطعمك الله مناك*نهض العم فودعه عطا الله وقبل جبينه *وأما زوجة عمه فقد خارت قواها مما سمعت وعجزت عن النهوض *وانطلق صوب البوابة مسرعا مرفرفا كالطائر الذي منح حريته وهو يكرر :عدواتكم دعواتكم *سبقته هند تفتح له البوابةوهي ترتجف هلعا __: هند!!! ادعي لي !!!التقت نظراتهما * تبسما *قالت :ترجع سالما *قال : أنت لن تكوني الرابعة ****ثم انطلق مسرعا***ولم يترك لهند فسحة ولو قصيرة كي تطلب منه تفسير جملته عميقة المعنى ****كان وقت أبي خليل الصباحي هو فقط الزمن المنظم في حياته :يستيقظ*يتوضأ*يتوجه للصلاة في المسجد ثم يعود دون أن يعرج على أي مكان *يقرأ جزأه *ثم يفتح المذياع لسماع نشرة الأخبار الصباحية الثانية *ثم يغوص وقته في فوضى الحياة**** نسي أبو خليل نومه و ماضيه وحاضره بعد خروج عطا الله وانغرس تفكيره المستقبلي في صباح الليلة التي سيستقبل فيه ابن أخيه ****كان يحس أن الوقت يكاد يتسمر ثم تستمر حركته *كأنه يدب طورا ويحبو تارة إلى أن توقف عند سماع أول خبرفي النشرة الإخبارية الصباحية الأولى : جاءنا الآن ما يلي:نفذت إحدى المجموعات الفدائية عملية بطولية ضد قوات العدو الرابضة على الجبل واستمرت المواجهة المسلحة حتى قبيل فجراليوم وقد حققت المجموعة أهدافها *واستشهد قائد المجموعة الشهيد البطل عطا الله علي سليم* أغلق أبو خليل المذياع بيد مرتجفة عل الصمت يفتح أمامه فرجة للتدبر *لكن!!! لم يخيم الصمت : كان ذكر الله يجلجل في كل 

مكان */انتهت/

خليل اطرير/الردن/الرصيفة/00962788543834

0 التعليقات

إرسال تعليق