د. حامد طاهر المحسوبية

د. حامد طاهر

المحسوبية

الإثنين، 10 يونيو 2013 - 01:01
Add to Google
لا شئ أكثر ضررا على سلامة العمل وحركة التقدم فى الدولة، من المحسوبية، وهى تعنى ببساطة: إيثار الأقارب والمعارف والأصحاب حتى ولو كانوا بدون كفاءة على أصحاب الكفاءات والمهارات والخبرة من جانب كبار المسئولين أو من بيدهم قرارات التعيين والترقية فى مختلف مناصب الدولة.

هناك ظروف محددة هى التى تتيح للمحسوبية أن تنشأ وتنتشر وتتمدد ويأتى فى مقدمتها أولا: عدم وجود نظام إدارى مستقر وصارم، لا يترك لفرد واحد أن يتحكم فى مسائل التعيين والترقيات.

وثانيا: عدم قيام الأجهزة الرقابية بإيقاف القرارات الخاضعة للمحسوبية ومعاقبة القائمين على إصدارها.
وثالثا: تراخى وسائل الإعلام فى متابعة وملاحقة الأحداث التى تخرج منها روائح المحسوبية.
رابعا: عدم تجريم القانون للمحسوبية بمختلف صورها، وهو الأمر الذى يبيح لمرتكبيها التمادى فى ممارستها على نحو شبه منهجى.

أما بالنسبة إلى دوافع المحسوبية، فإنها كلها ترجع إلى الضعف البشرى، وعدم الإحساس بالمسئولية الوطنية، وضعف الوازع الدينى، الذى يمثله الضمير الأخلاقى، وعلينا أن نستحضر هنا رئيس مجلس إدارة ، تحدثه زوجته عن أحد أقاربها الذين يعملون تحت رئاسته.. فكيف يكون حاله فى تلبية طلبها أو رفضه؟ كما يمكن أن نستحضر مدير مؤسسة يتلفن له أحد كبار المسئولين فى الدولة موصيا على ترقية لأحد الموظفين لديه، فهل يمكن أن يرفض طلبه، أم يستجيب له، متخطيا رقاب زملائه الأحق منه بالترقية؟ وفى بعض الأحيان يكون السعى الخاص من المدير نفسه لمجاملة أحد موظفيه، الذين يمتون بصلة قرابة من مسئول أعلى، يمكن أن يقدم للمدير خدمة حالية أو مستقبلية.
لقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب من أفضل الصحابة علما وخلقا ومع ذلك استبعده والده من قائمة المرشحين لخلافته بسبب البنوة.. وإذا كان هذا نموذجا فريدا فى التاريخ الإسلامى كله، فإنه يظل مؤشرا على طهارة الضمير، وقطع ألسنة الشائعات!

إن المحسوبية هى النقيض المقابل تماما لتكافؤ الفرص، وهى التى تبعث فى نفوس الشباب اليأس، وتوقعهم فى الإحباط، كما أنها مرتبطة أشد الارتباط بالظلم، الذى لا تستقيم به أمور الدول، وبانتشاره يسرع إليها التدهور والفساد.

,

0 التعليقات

إرسال تعليق