قصة قصيرة " .. صحبة لم تكتمل بقلمى / وســـــــام




قصة قصيرة " .. True story
صحبة لم تكتمل ...
6/4/2013

كنتُ جالسةً اليوم فى صحبة كلٍ من صبرى ، فهمى ، حلمى ، دنيا وأبى
كنا نجلس سوياً فى غرفة الضيوف ..
و كانت أمى مع أشقائى يرقبون الوضع ..
كانت الساعة على مقربةٍ منا .. يشير عقربُها الصغير إلى الخامسة - حيث زوال النهار ، بينما كان العقرب الأكبر يشير إلى الرقم ستة - حيث منتصف الساعة ! .. و باستطاعة أىٍ منا أن يدرك ما تؤول إليه الساعة ، فهى ليست ببعيدةٍ عنا ! ...

بدأت ليلتُنا بالآتى ...
كان فهمى يتأتّى ثمار عمله بالورقة والقلم ، بينما كنا نحن فى خضم معركةٍ جدليّة حول الوضع الراهن ، و فجأة .. ازمجر فهمى و انسحب من جلستنا و غادر ، فقد كان الوضع مشينا بالنسبة إليه و سيئاً بدرجةٍ كفيلة أن تجعله يتنصّل من دوره الجدلىّ ...
، و على غرار هذا ، لم يكن بوسع أىٍ منا أن يقنعه بالتراجع و يعيده ليتمّ ما بدأنا للتو .. و غادر باكراً ! ..
فبقينا صامتين لبرهة تتوسطنا النظرات المشتتة ما بين متساءلٍ و غير مبالٍ ، ثم استئنفنا ما كنا عليه ، و كان أول من كسر حدود الصمت هو حُلمى .. و قد كان شبه مقيّد ، حيث كان الوضع الراهن يحيطه بحالاتٍ متنافرةٍ وأفكارٍ مشوشة تُثقل وتصعّب عليه رسم ملامح ما يريد بالفعل ، و نحن فى حضرتهِ غير مدركين تماماً لما يرمى إليه ، و لسنا مستوعبين لما يقصده حقاً ...
و فجأة .. قاطعه أبى بصوتٍ صارم لرجلٍ صعيدىٍ هُمام يعلوه الحزن والأسى من الحال " أنه ليس راضٍ عن الوضع وأنه ليس بيده شئ سوى - أفوض أمرى إلى الله " ، و بينما هو قائل .. إذا بعبرةٍ خفيفة يطويها جفناه الرقيقان .. لم يلحظها أحدٌ غيرى .. ثم سقطت علناً أمام الحضور فمد يده اليمنى مسرعاً بمحوها و تمالك نفسه ، و بكلماتٍ شبه مسموعة بصوتٍ خافتٍ يحمل دموعه التى حاول أن يواريها ..
خبّرنا أنه راحلٌ لا محال ، و نظر إلىّ نظرةً لن أنساها .. و ربت على كتفى .. و قبل أن يرحل سألنى " فى أى يومٍ نحن " ... فقلت له فى يوم السابع والعشرين ، فتبسّم و صمت فاستعجبت لأمره ، وكذا حال الحاضرين ، و لكن سرعان ما أدركنا أنه راحلٌ فى ليلةِ الإسراء والمعراج وما أجملها ليلة يرحل بمثل نقائها المرء ! ...
لم يكد حُلمى أن يُعيد رسم ملامح ما يريد ، حتى قاطعه أبى مرةً أخرى ، ولكن هذى المرة لم يتكلم ، بل رحل عنّا دون سابق إنذار ... فتشتت جُموعنا واهتزت نبراتنا ، فكلنا كان يقوى بوجوده ويأخذ العزم منه ، إذ أنه أكبر سناً وأحكم منّا ، و كان يمثل لكل واحدٍ فينا شأناً خاص .. قد يختلف من واحدٍ لآخر لكنه فى نهاية الأمر هو بمثابة عمود فقرىّ لنا جميعاً ، و برحيله لم نعد نقدر على الوقوف والاستمرار ...
، ولكن سرعان ما أدركنا كلامه الذى سبق وأن قاله لنا بأن رحيله محتومٌ ولا مفر منه ... فعاودنا ما كنا عليه ولكن ليس بالقدر الذى كان من ذى قبل ...
ساء حال حُلمى وتشتت أكثر وأكثر برحيله ، ولم يعد يعى ما يريد بتاتاً ، و ظل بيننا عاجزاً عن التفاعل ...
، وبين هذا و ذاك كان صبرى الوحيد الذى لم يتأثر بما يحدث لفهمى ولأبى و لحلمى ، بل كان ينشط و يقوى أكثر فأكثر استعداداً لتصدّى عواقب وخيمة لهذى الحال .. متأنياً محتاطاً من الوضع الراهن .. و كان ما دفعه لذلك هو حضور أمل " زوجته " حيث أمدّته بالسكينة والاطمئنان ، فدائماً ما كانت بمثابة خطاً أحمرا و منبهاً له تفيقه إذا ما يئس من الوضع وأوشك على الاستسلام ... كانت هى الدافع الرئيسى الذى تبعثه أمل لصبرى اذا ما هم بالرحيل ..
ولكن سرعان ما انطفأت أمل وماتت لإصابتها بحالة من الإحباط والاكتئاب أودت بها إلى التهلكة تاركةً لنا ابتسام " ابنتها و صبرى " – الطفلة التى تحمل براءةً و هدوءا يريح نفس الناظر إليها – كانت ابتسام آخر ما تبقى لى من أمل !! .. ولكنها لم تملى علّ ما فقدت فسرعان ما وهنت حالها و شح وجهها حزنا و حاجةً لأمل ! ...
وعلى الصعيد الآخر .. كانت دنيا مراقبةً للجميع ومتمعّنة فى أمر كلٍ منا غير ثابتةٍ على حال ، فتارةً تضحك وتارةً تبكى وتارةً تقف محلّها غير مستجيبة و تارةً أخرى لا نفهم لها حال .. فكانت بذلك غير مستقرة فاشمئز منها البعض وتجنبها البعض وتحمّلها البعض الآخر .. وبين هذا و ذاك لا زالت أمى و أخواتى يرقبون الوضع دون سؤال ! ...

هذه كانت ملامح ليلتنا فى السابع والعشرين ! .. ظل جدالُنا رهن حالتهم .. فلم يتبق سواى وصبرى فى انتظار ما سيؤول إليه الوضع
...... و ها قد أوشك صبرى على الرحيل !!!

بقلمى / وســـــــام

,

0 التعليقات

إرسال تعليق